Sunday, October 15, 2017

تبيان وبرهان (8)

تبيان وبرهان (8)

القيامة الوسطى
زيد – اما القيامة الوسطى وان كانت ليست من موضوع بحثنا ولكن ينبغي ان نعلمها حتى نفرق بينها وبين القيامات الاخرى كما قال العلامة الراغب الاصفهاني في كتابه مفردات القرآن " الساعة الوسطى وهي موت اهل القرن الواحد" وذلك نحو ما روى انه رأى عبد الله بن انيس فقال ( ان يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة) وقيل انه آخر من مات من الصحابة أ.هـ.
وروى مسلم في صحيحه عن ابي سعيد قال " لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك سألوه عن الساعة فقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تأتي مائة سنة وعلى الارض نفس منفوسة اليوم.) اذن فالساعة الوسطى هي موت اهل القرن الواحد والجيل الواحد والموت هذا اما موت طبيعي كما جاء في الحديثين المارين او موت معنوي كما جاء في البخاري في كتاب الرقاق عن ابي هريرة "ر ض" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اذا ضُيعت الامانة فانتظروا الساعة) قالوا كيف اضاعتها قال ( اذل اسند الامر الى غير اهله) والساعة هذه هي هلاك اهل ذلك القرن التي ضيعت الامانه باسنادها الامر الى غير اهله وهذا هو موتهم المعنوي فهذه هي القيامة الوسطى.

طلوع الشمس من مغربها
عمار – ان من اشراط الساعة طلوع الشمس من مغربها لما روى مسلم في كتاب الايمان من صحيحه عن ابي هريرة "ر ض" ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت فرآها الناس آمنوا اجمعون فيومئذ ( لا ينفع نفساً ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيراً) . والشمس لم تزل تطلع من مشرقها فكيف تكون القيامة قد قامت.
زيد – المراد من الشمس هي شمس الرسالة ومن طلوعها من مغربها سطوع رسالة اخرى من نفس الامة التي غربت فيها شمس رسالة رسولها السابق اي التحق رسولها بالرفيق الاعلى فيها والمعنى انه عليه الصلاة والسلام يقول لا تقوم قيامتكم وهو يخاطب امته حتى تطلع شمس رسالة اخرى من بينكم والمراد بهذه الشمس حضرة الباب.
عمار – اما معنى طلوع الشمس من مغربها هو رجوعها القهقري واختلال نظام هذا العالم وخرابه .
زيد – اما ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فاذا طلعت فرآها الناس آمنوا اجمعون فاشترط للايمان بها رؤيتها ومعنى رؤيتها معرفة ان مدعي الرسالة هو رسول من عند الله حقا فمن عرفه فقد رأى شمس الرسالة ومن رآها آمن بها . قال العلامة البروسوي في تفسير روح البيان سورة الاعراف ص297 بعد ان اورد حديث ( من رآني فقد رأى الحق) قال حكي ان السلطان محمود الغازي دخل على الشيخ الرباني ابي الحسن الخرقاني قدس سره لزيارته وجلس ساعة ثم قال ياشيخ ما تقول في حق ابي يزيد البسطامي فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى واتصل بسعادة لا تخفى فقال محمود وكيف ذلك وابو جهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتصل بالسعادة ولم يتخلص من الشقاوة فقال الشيخ في جوابه ان ابا جهل ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما رأى محمداً بن عبد الله يتيم ابي طالب حتى لو كان رأى رسول الله لخرق من الشقاوة ودخل في السعادة ثم قال الشيخ ومصداق ذلك قوله تعالى ( وتراهم ينظرون اليك وهو لا يبصرون ) فالنظر بعين الرأس لا يوجب هذه السعادة بل النظر بعين السر والقلب يورث ذلك أ.هـ.
فلا يرى احد مدعي الرسولة انه رسول الله الا من آمن به اما الكافرون به فهم محجوبون عن رؤيته يرونه في صورة غير لائقة بمقامه الكريم حجبهم عنا اعتقادهم الذي نشأوا عليه وراحوا فيه مقلدين.
اما الشمس الظاهرة فبمجرد طلوعها يراها الناس فلا حاجه لاشتراط رؤيتها للايمان اما قوله فيومئذ ( لاينفع نفساً) الآية اي فيوم تطلع الشمس من مغربها لا ينفع نفساً ايمانها بالرسول السابق مالم تكن آمنت من قبل اي قبل انتهاء مدة الدين ذلك الرسول لفقدان ما هو شرط لاعتبار هذا الايمان وهو ان يكون بالرسول المتأخر الذي هو صاحب الوقت اما اذا انقضت دورته بمجيئ رسولٍ آخر فالايمان به غير نافع كايمان اليهود بموسى بعد مجيئ عيسى عليهما الصلاة والسلام فهذا الايمان ليس بنافع لهم فكذلك الآن ليس بنافع احداً الايمان باي رسولٍ كان الا بنور الاكوان حضرة بهاء الله الذي هو رسول الوقت الحاضر اما الايمان بالرسل المتقدمة عليه فهو شرط لصحة الايمان به اما قوله تعالى ( او كسبت في ايمانها خيراً) اي او انها آمنت من قبل انتهاء تلك المدة فهذا الايمان ايضاً ليس بنافع مالم تكن قد كسبت في ايمانها هذا خيراً مما امرت به من الاعمال الصالحة بالايمان المجرد عن الاعمال لا اعتداد به فلا ينفع التصديق بدون عمل ولا عمل بدون تصديق. وابن عربي عليه الرحمة قد اورد في كتابه الفتوحات الجزء الرابع ص434 ما يشرح به هذا الحديث ولكن فيه نوع من الغموض لكونه من اسرار الشريعة قال:
غروب الشمس موت النفس فانظر     الى نور قد ادرج في التراب
وذاك الروح روح الله فينا         وعند النفخ يأخد في الاياب
الى الاجل الذي منه تعدى       فيسرع في الاياب وفي الذهاب
" النفس كالشمس شرقت من الروح المضاف الى الله بالنفخ وغربت في هذه النشأة فاظلم الجو فقيل جاء الليل وادبر النهار فالنفس موتها كونها في هذه النشأة وحياة هذه النشأة بوجودها فيها ولا بد لهذه الشمس ان تطلع من مغربها فذلك يوم لا ينفع نفساً ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيراً لان زمان التكليف ذهب وانقضى في حقها فطلوع الشمي من مغربها هو حياة النفس وموت هذه النشأة أ.هـ.
فسر ابن عربي عليه الرحمة غروب الشمس بانه هو موت النفس في البيت الاول واوضح فيما يلي الابيات من النثر ان النفس هذه كالشمس شرقت من روح الله ومعنى شرقت من روح الله اتتها الرسالة الالهية اذن فمعنى غروب الشمس هو موت الرسول ثم اوضح ذلك في نفس البيت فقال فانظر الى نور قد ادرج في التراب. يريد بالنور محمداً صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) المائدة آية15 قال جمهور المفسرين النور محمد صلى الله عليه وسلم والكتاب المبين القرآن . وقوله ادرج في التراب أي التحق بالرفيق الاعلى ثم قال:
فذاك الروح روح الله فينا         وعند النفخ يأخد في الاياب
اي عندما يحين موعد النفخ في الصور يأخذ الروح بالرجوع الى اشراقه فتظهر رسالة ثانية والمراد من النشأة الامة التي انشأها الرسول فلما التحق بالرفيق الأعلى بنفس الامة التي انشأها صارت تلك النشأة مغرباً للشمس فظهور شمس الرسالة مرة اخرى من هذه الامة هو طلوع الشمس من مغربها. وقوله غربت الشمس في هذه النشأة واظلم الجو وقيل جاء الليل وادبر النهار معتى اظلم الجو وجاء الليل ان وجود الرسول بين ظهراني الناس وجود النهار بوجود شمس الحقيقة بين الناس كما ان بوجود الشمس الظاهرة وجود النهار فاذا غربت شمس الحقيقة بانتقال الرسول الى الرفيق الاعلى جاء الليل واظلم الجو كما ان بغروب الشمس الظاهرة يجيئ الليل فاذا ظهرت رسالة اخرى طلع النهار ثانية فالمدة التي بين الرسولين هي الليل وهي البرزخ كما مر وقوله لايد لهذه الشمس ان تطلع من مغربها اي لا يد من ظهور مظهر الهي آخر في الامة السابقة يكوّن نشأة اخرى قال تعالى (والله ينشيئ النشأة الآخرة) عنكبوت آية20 وقوله وذاك الروح الى آخر الابيات يدلك على ان هذه المظاهر والرسل الكرام ليست منقطعة بل لها آجال مسماة لا تتعداها قال تعالى ( ولكل امة اجل فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) الاعراف آية34 فاذا انقضى اجل امة من الامم جاء مظهر آخر وتكونت امة اخرى وانقطع زمن التكليف بالشريعة المتقدة ولم ينفع نفساً ايمانها بالرسول السابق والعمل بالذي امر به بذلك التشريع لانقضاء وقته وزمنه .
وجاء في الاشاعة للعلامة البرزنجي ص251 عن ابي الشيخ وابن مردويه عن انس "ر ض" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صبيحة تطلع الشمس من مغربها يصير في هذه الامة قردة وخنازير وتطوى الدواوين وتجف الاقلام لا يزداد في حسنة ولا ينقص من سيئة ولا ينفع نفساً ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في
وقد جاء رسول آخر وطلعت الشمس من مغربها فقد طويت صحف تلك الامة وجفت اقلامها فلا يزاد في حسنة ولا ينقص من سيئة وتفتح صحف أخرى لامة اخرى جديدة. وجاء في حديث آخر ( يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً اي تبلغه الدعوة ليلا فلا يؤمن فيصبح كافراً وتبلغه الدعوة في النهار فلا يؤمن فيمسي كافراً) ومعنى طلوع الشمس من مغربها اذن هي قيام القيامة الكبرى. ولنشرع بالبحث فيها.


No comments:

Powered By Blogger